د. حامد أبو العز
تحدثت تقارير عديدة يوم الأحد، عن لقاء جمع بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد يوسي كوهين، حيث جرى اللقاء في المدينة السعودية “نيوم”.
انتشر الخبر كالنار في الهشيم، في جميع الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي. ولكننا لم نستغرب مطلقاً هذا اللقاء، ولم يشكل مفاجئة لنا. فمن الطبيعي أن يحصل هذا اللقاء بعد الضوء الأخضر الذي أعطته السعودية لتطبيع العلاقات بين كل من الإمارات، والبحرين والسودان. وفتح السعودية أجوائها أمام الطائرات الإسرائيلية المتجهة نحو الإمارات، ناهيك عن التصريح الواضح من قبل وزير الخارجية السعودية بأنّ السعودية على استعداد تام بتطبيع العلاقات ولكن بشرط أن تكون في إطار خطة سلام شاملة. ولكن المفارقة العجيبة التي أثارت ذهولنا هو أنّ هذا الاجتماع، يخالف المبادرة العربية التي طرحتها السعودية بنفسها. هذه المبادرة التي أطلقتها المملكة في زمن كانت تظن نفسها قائداً مهما للعالم الإسلامي.
قبل التحدث عن أهداف هذا اللقاء، لا بد من الإشارة إلى أن السعودية نفت على لسان وزير خارجيتها حدوث مثل هذا اللقاء، ولكن المصادر السعودية نفسها من سرّب الخبر لصحيفة “وول ستريت جورنال”. وبالتالي فلا شك أبداً حول حدوث اللقاء. والمهم في كل ذلك هو أن التسريب جاء عبر وسائل إعلام إسرائيلية وخصوصا من مكتب رئيس الوزراء نتنياهو، وهذه التسريبات ما كانت لتظهر للعلن إلا بضوء أخضر من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه، وذلك ضمن محاولة احراج الجانب السعودي ودفعه إلى الاعتراف باللقاءات السرية بين الطرفين. وفي ذات السياق نشير إلى تغريدة الصحفي الإسرائيلي ايدي كوهين والذي لام فيها السعوديون عن عدم التصريح بهذا اللقاء. وعندما تم سؤال نتنياهو عن هذا اللقاء، لم يُجب بالنفي أو الإيجاب. وبعد كل ما قيل نتوجه بالخطاب إلى ولي العهد والحكام في السعودية وهو هل يمكنكم الوثوق بمثل هذا الشريك حقاً؟ إن الوثوق بإسرائيل هو كمن يبني بيته على حافة البركان، والأيام ستثبت ما نقوله.
واللافت في هذا اللقاء، هو الصمت الذي اختارته حركة فتح والسلطة الفلسطينية. إذ صرّحت كل من حماس والجهاد الإسلامي برفضهما لهذا اللقاء وطلب توضيح حوله، ولكن السلطة الفلسطينية اختارت الصمت، ويبدو بأنّ السلطة الفلسطينية ترجح الحصول على الأموال من الجانب الإسرائيلي والسعودي، على انتقاد هذا اللقاء ولو بكلمة واحدة. أو أن المثل العربي يصدق في مثل هذه الحالة “من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة”. فلم يمرّ إلا يومين على إعلان السلطة على عودة التنسيق الأمني مع إسرائيل.
ولتوضيح أهداف هذا اللقاء، يمكن القول بأن هناك أهداف علنية تتلخص بما يلي:
-
التمهيد للتطبيع العلني بين إسرائيل والسعودية.
-
إرسال رسالة واضحة إلى القيادة الأمريكية الجديدة بأنّ التنسيق الإسرائيلي-السعودي مستمر؛ وبأن أي تقارب مع إيران سيواجه بفيتو إسرائيلي-سعودي.
-
رسالة واضحة للفلسطينيين بأنّ السعودية غير مهتمة بمصيرهم، وبأنّ التصريحات التي تطلقها السعودية مخالفة للواقع العملي ولتصرفاتها.
التزام زوار "راي اليوم" بلياقات التفاعل مع المواد المنشورة ومواضيعها المطروحة، وعدم تناول الشخصيات والمقامات الدينية والدنيوية والكتّاب، بكلام جارح ونابِ ومشين، وعدم المساس بالشعوب والأعراق والإثنيات والأوطان بالسوء، وعلى ان يكون التعليق مختصرا بقدر الامكان.