يتودَّد النواب للوزراء لتعيين أولادهم ومحاسيبهم في أغرب شكل للديمقراطية عرفته البشرية في القرن الحادي والعشرين؛ حيث لا يستطيع أضخم الحواسيب أن يفهم الآليات السحرية التي تستخدم لتحديد مُمَثلي الشعب، ناهيك عن أن يَفهم دورهم في الدولة؛ والذي يتدرج من التشريع والرقابة إلى الاستجداء والتجاوز عن حقوق العباد والمشاركة في الفساد.
تنقسم المدن والحواضر في مواسم الانتخابات إلى عشائر متنافسة؛ وأحيانا متناحرة؛ فيقوم الذكور من كلِّ عشيرة بانتخاب مرشح العشيرة ثم يفرضونه على النساء للتصويت له. ويبذل كلّ مرشح أقصى جهده للحصول على رضا الجهات التي تقرر من يناسب المرحلة ومن لا يناسبها، فإذا ما أصبح نائبا فقد تخطى الرقاب، وتجاوز حدود الصحراء والسراب، وأدرك أسرار فتح الأبواب، والمتاجرة بالخطأ قبل الصواب.
يحصل النائب لدينا على تقاعد كبير مدى الحياة مهما كان عمره بشرط أن يكون له خدمة 7 سنوات منها 4 سنوات في مجلس النواب.
وللمقارنة: يحصل عضو الكونجرس الأمريكي على راتب تقاعدي في الحالات التالية:
إذا تجاوز عمره 62 عاما، وكانت له خدمة 5 سنوات على الأقل.
إذا تجاوز عمره 50 عاما، وكانت خدمته 20 سنة على الأقل.
إذا تجاوزت خدمته 25 عاما مهما كانت خدمته.
ومن الواضح أن تشريعنا يضمن للنائب ألا يعود إلى صف العامة سواء أنجح في دورة أخرى أم لم ينجح. وهو ما يغذي روح الأنانية وحرق السفن والاندماج في تيار المصلحة الشخصية وتقديمها على المصلحة العامة.
ومن اليوم الأول يبدأ دوره – غالبًا – في زيادة الفوضى، وتغذية الجشع، وتقديم ما تأخر وتأخير ما تقدم، فتنقسم البلاد إلى ضعفاء لا حيلة لهم يقفون في طابور البطالة والبؤس من جهة، ومتنفذين يتنفعون ويُنفِّعون محاسيبهم ويعززون الفساد بدلا من السعي إلى العدالة وإحقاق الحقوق.
لا يطالبون بمشاريع استثمارية كبيرة تُشغِّل كل الباحثين عن عمل بل يتلذذون باحتكار الفرص القليلة، ومشاهدة أبنائنا وهم يقطعون سنوات عمرهم كمن يمشي على الجمر.
لا يطالبون بتعديل هيكلة الرواتب لتحقيق العدالة بين العاملين في الجمارك مثلا والعاملين في الصحة والتربية وغيرهما، بل هم يحاولون توظيف هذا الاختلال الظالم بتعيين أبنائهم في المواقع ذات الرواتب والمزايا الأكثر ساعين بذلك إلى مجتمع منقسم إلى ظالم ومظلوم، منتفع ومبخوس، غير آبهين بحيرة أبٍ ركب الدَّين والهمَّ لتعليم أولاده، أو أمٍّ وفَّرت ثمن علاجها لتدفعه رسومًا جامعيةً لأبنائها ثم تجمدوا بردًا وجوعاً وشعورا بالتهميش والغبن وقد خاب سعيهم في رحلة لا تصل بر الأمان، ولا تعرف وجهة أو طريقا.
أي قسوة وأي أنانية وصل إليها حالنا.
كيف تستمرئ في جوفك لقمة غيرك؟
في أي ديانة أو تشريع قرأت ذلك غير شريعة الغاب.
ها نحن نُراكم الخلل فوق الخلل حتى لقد عمَّ الشعور بالظلم والإحباط إلى درجة تُعدِم الإنتاجية وتقضي على الإبداع وتعزز الشعور بالضياع والشرذمة.
لقد تمَّ تكييف الديمقراطية في بلادنا حتى صرنا نعد أصابعنا كلما صافحنا شخصية منتخبة على الطريقة العربية. وما كان أصلا مصمَّما لتأكيد سيادة القانون وعدالته؛ أصبح أداة للظلم وتجاوز القانون.
شكرا لكم ولضمائركم الحيَّــة، فلقد لدغتنا حتى عرفنا عبثية الكلمة ومرارة الصمت.
كاتب فلسطيني
الاعلانات
شروط التعليق:
التزام زوار "راي اليوم" بلياقات التفاعل مع المواد المنشورة ومواضيعها المطروحة، وعدم تناول الشخصيات والمقامات الدينية والدنيوية والكتّاب، بكلام جارح ونابِ ومشين، وعدم المساس بالشعوب والأعراق والإثنيات والأوطان بالسوء، وعلى ان يكون التعليق مختصرا بقدر الامكان.
لماذا سيُغادِر ترامب البيت الأبيض مُطَأطَأ الرّأس من الأبواب الخلفيّة؟ وما هي مَهمّة “التّنظيف” الأكبر التي تنتظر خلَفَهُ بايدن داخليًّا وخارجيًّا؟ وهل ستكون الضّربة القاضية من نصيب المرأة الفُولاذيّة بيلوسي أم المحاكم الجنائيّة التي تنتظره؟
لماذا كُل هذه الضجّة الأوروبيّة الإسرائيليّة بسبب إنتاج إيران معدن اليورانيوم؟ هل باتت على بُعدِ أشهُرٍ من إنتاج رؤوس نوويّة فِعلًا؟ ما هي الرّسالة التي أرادت توجيهها من خِلال مُناورتها العسكريّة الأخيرة وصواريخها بعيدة المدى؟
لماذا ضمّ ترامب إسرائيل للقيادة المركزيّة العسكريّة في الشّرق الأوسط قبل خمسة أيّام من مُغادرته الحُكم؟ وما هو السّيناريو الأحدث لضرب إيران؟ قُرب إنتاجها لأسلحة نوويّة حسب التّسريبات المُتزايِدَة؟ ولماذا لا نَستَبعِد اغتِيال ترامب أو بايدن؟ وكيف وسّع نِتنياهو تهديداته وأضاف عدم السّماح لطِهران بالسّيطرة على بغداد والنّجف وكربلاء؟
بيزنس إنسايدر: ترامب لن يترك “الحقيبة النووية” لبايدن
صحف كويتية: 83 ألف وافد غادروا الكويت خلال 3 أشهر
النهار اللبنانية: الخطّ الجوّي المُرتقب بين المغرب وإسرائيل يثير حماسة المغاربة اليهود… “حقائب السفر جاهزة منذ الآن”.. ومناهضو التطبيع يحذرون من جريمة “اقتلاع”
ناشونال انترست: تعيين فيكتوريا نولاند نائبة لوزير الخارجية الأمريكي إشارة لروسيا
الأوبزرفر: كيف يقضي دونالد ترامب أيامه بدون تويتر؟
التزام زوار "راي اليوم" بلياقات التفاعل مع المواد المنشورة ومواضيعها المطروحة، وعدم تناول الشخصيات والمقامات الدينية والدنيوية والكتّاب، بكلام جارح ونابِ ومشين، وعدم المساس بالشعوب والأعراق والإثنيات والأوطان بالسوء، وعلى ان يكون التعليق مختصرا بقدر الامكان.